الهجرة إلى الحبشة وبيعتا العقبة: طلب الأمان والنصرة
مقدمة
واجه المسلمون في مكة صنوف الاضطهاد والتعذيب من قريش، مما جعل النبي ﷺ يبحث عن ملاذ آمن لدعوته وأتباعه. ومن هنا جاءت الهجرة إلى الحبشة، ثم بيعتا العقبة اللتان شكلتا منعطفًا هامًا في تاريخ الإسلام.
مدخل تمهيدي
اشتد أذى كفار قريش على المسلمين فحزن رسول ا صلى ا عليه وسلم لذلك، فعرض عليهم الهجرة إلى الحبشة فرارا بدينهم وحفاظا على أنفسهم، بينما بقي عليه الصلاة والسلام بمكة ولم يهاجر معهم، واستمر في دعوته يتلقى الركبان في نواحي مكة حتى اجتمع بوفد من يثرب (المدينة)، فآمنوا به وبايعوه مرتين بموضع يسمى ”العقبة“، فكانت بيعتا العقبة. فما هي الأسباب التي دفعت المسلمين للهجرة إلى الحبشة؟ وهل تحقق مقصد هذه الهجرة؟ وما أثر بيعتي العقبة في مسار دعوة الرسول صلى ا عليه وسلم؟
1. الهجرة إلى الحبشة: طلب الأمان
عندما اشتد أذى قريش على المسلمين، أذن النبي ﷺ لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، حيث كان يحكمها النجاشي، ملك عادل لا يُظلم عنده أحد. فهاجر إليها أول فوج من الصحابة سنة 5 للبعثة، وكانوا 12 رجلاً وأربع نساء، من بينهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت النبي ﷺ.
لاحقًا، هاجر فوجٌ آخر بلغ عددهم حوالي 83 رجلاً و18 امرأة، وظلوا هناك حتى السنة السابعة للهجرة، عندما عاد معظمهم إلى المدينة المنورة.
2. بيعتا العقبة: طلب النصرة
بعد سنوات من الدعوة في مكة، التقى النبي ﷺ بمجموعة من أهل يثرب (المدينة المنورة لاحقًا) خلال موسم الحج، فآمنوا به وبايعوه على الإسلام. وقد تمت بيعتان:
- بيعة العقبة الأولى (السنة 12 للبعثة): بايع 12 رجلًا النبي ﷺ على الإسلام، ووعدوه بنشر دعوته في يثرب.
- بيعة العقبة الثانية (السنة 13 للبعثة): حضرها 73 رجلاً وامرأتان، وبايعوا النبي ﷺ على السمع والطاعة، وحمايته كما يحمون أهلهم، مما مهد للهجرة الكبرى إلى المدينة المنورة.
أسباب الهجرة إلى الحبشة ومقاصدها
مفهوم الهجرة
الهجرة: هي الانتقال من البلد الأم إلى بلد آخر، والهجرة نوعان:
هجرة مكانية حسية: وهي مرتبطة بالخروج والانتقال من أرض الكفر إلى أرض الإسلام.
هجرة معنوية: وهي هجر المعاصي والذنوب والآثام وكل ما نهى ا تعالى عنه.
أسباب الهجرة إلى الحبشة
- الاضطهاد والظلم والتعذيب الذي تعرض له المؤمنون من طرف كفار قريش.
- الفرار بالدين إلى بلد آمن (طلب الأمان).
- عدل ملك الحبشة ونصرته للمظلوم.
- التمكن من عبادة ا بحرية.
- توحيد ا تعالى وحفظ الدين.
- طاعة ا تعالى ورسوله صلى ا عليه وسلم. حفظ الحرية والكرامة.
- طلب الأمان والحماية والسلامة.
- التسامح والتعايش مع أصحاب الديانات الأخرى.
دوافع بيعتي العقبة وأثرهما على مسار الدعوة الإسلامية
مفهوم البيعة
البيعة: هي الصفقة على إيجاب البيع وعلى المبايعة والطاعة.
دوافع بيعتي العقبة
- الإيمان با وحده وعدم الإشراك به.
- نصرة النبي صلى ا عليه وسلم ورسالته.
- الاستمساك بفضائل الأعمال.
- البعد عن المنكرات (السرقة، الزنا، قتل النفس ...).
- طاعة ا ورسوله صلى ا عليه وسلم.
ثرهما
تغلغل الإسلام في القلوب.
مبايعة المرأة وشهودها هذا الحدث التاريخي.
النصرة التامة ولرسوله صلى ا عليه وسلم وبذل الغالي والنفيس في سبيل الإسلام.
خروج طلائع المهاجرين إلى المدينة بعد نجاح البيعة الثانية.
وضع الحجر الأساس للأمة الإسلامية.
الدروس والعبر
- الهجرة إلى الحبشة تبرز أهمية البحث عن الأمان والاستقرار لنشر الدعوة.
- النجاشي كان نموذجًا للحاكم العادل الذي ينصف المظلومين بغض النظر عن دينهم.
- بيعتا العقبة أظهرت أهمية النصرة والتخطيط في بناء المجتمع الإسلامي.
خاتمة
كانت الهجرة إلى الحبشة خطوة أولى في البحث عن ملجأ آمن، بينما شكلت بيعتا العقبة نقطة تحول نحو تأسيس دولة الإسلام في المدينة المنورة، حيث بدأ المسلمون في بناء مجتمعهم القائم على العدل والإيمان.
للمزيد من هنا