حصار الدعوة وثبات أهلها
مقدمة
شهدت الدعوة الإسلامية منذ بداياتها في مكة المكرمة محاولات عديدة لإيقاف انتشارها وإضعاف المؤمنين بها. ومن بين أشد هذه المحاولات قسوة كان حصار قريش للمسلمين في شعب أبي طالب، الذي استمر لمدة ثلاث سنوات، حيث تعرض المسلمون وأتباع النبي ﷺ لأشد أنواع الظلم والجوع والمقاطعة الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، ظلوا صامدين ثابتين على دينهم، مما يعكس قوة إيمانهم وصبرهم على البلاء.
الوضعية المسألة
ذهبت ليلى تسأل أمها لماذارفضت قريش الإسلام فردت الأم لأنهم كانوا غافلين... فقالت ليلى لماذا إذا لم يدع عليهم الرسول صلى ا عليه وسلم بالهلاك أو يجعل الناس كلهم مؤمنين ؟ فردت الأم الإنسان حر ومسؤول عن اختياره وليس كباقي المخلوقات.
أسباب الحصار
جاء حصار قريش للمسلمين نتيجةً لتنامي قوة الإسلام وزيادة عدد المؤمنين به، مما هدد مكانة قريش وسلطتها. ومن أهم الأسباب التي دفعت قريش إلى فرض هذا الحصار:
خوف زعماء قريش من انتشار الإسلام: كان دخول العديد من الشخصيات المهمة في الإسلام يُشكل تهديدًا لمكانة قريش الاقتصادية والاجتماعية.
رفض النبي ﷺ تقديم تنازلات: حاولت قريش مرارًا إغراء النبي ﷺ بالمال والجاه ليترك الدعوة، لكنه رفض بشدة.
حماية بني هاشم للنبي ﷺ: رغم أن بعضهم لم يكن مؤمنًا، إلا أنهم رفضوا تسليمه لقريش، مما جعلهم هدفًا للحصار.
التضامن القبلي: فرضت قريش الحصار لإجبار بني هاشم وبني المطلب على التخلي عن النبي ﷺ.
تفاصيل الحصار في شعب أبي طالب
فرضت قريش على المسلمين وبني هاشم مقاطعة شاملة تضمنت:
منع الزواج والمصاهرة معهم.
عدم البيع أو الشراء منهم، مما أدى إلى مجاعة شديدة.
منع التعامل التجاري والاقتصادي معهم.
حصارهم في شعب أبي طالب، وهو وادٍ ضيق بعيد عن مكة.
استمر هذا الحصار لمدة ثلاث سنوات (من السنة السابعة إلى السنة العاشرة من البعثة النبوية)، وعانى المسلمون خلاله من الجوع والعطش لدرجة أنهم كانوا يأكلون أوراق الأشجار والجلود.
ثبات المسلمين وصبرهم على الأذى
رغم شدة الحصار، أظهر النبي ﷺ وأصحابه صبرًا عظيمًا، ومن صور ثباتهم:
الاعتماد على الله والثقة بنصره: ظل النبي ﷺ يبث الأمل في نفوس أصحابه بأن الفرج قريب.
التكافل والتعاون: كانت هناك محاولات من بعض القرشيين المتعاطفين مثل هشام بن عمرو، الذين كانوا يرسلون الطعام سرًا إلى المحاصَرين.
عدم التراجع عن الإسلام: لم يسجل التاريخ أن أحدًا من المسلمين ارتد عن دينه بسبب الحصار.
أساليب مساومة وإغراء المشركين للنبي صلى ا عليه وسلم
بعد إعلان النبي صلى ا عليه وسلم دعوته وجهر بها اتخذت قريش من هذه الدعوة موقفا معاديا وكانت تردي القضاء عليها وذلك
بأساليب متعددة منها :
- التهديد والوعيد : فقد ذهبوا يشتكون النبي صلى ا عليه وسلم لعمه أبي طالب أو يِذونه فرفض وتمسك بدعوته.
- الإذاية الجسدية : كما فعل عقبة بن أبي معيط حينما وضع رداءه على عنق النبي صلى ا عليه وسلم وهو يصلي وهم بخنقه
- المزاوجة بين الترغيب والترهيب : بعد فشل أسلوب التهديد غيروا من أسلوبهم وعرضوا على النبي صلى ا عليه وسلم التخلي
- الاستدراج لأنصاف الحلول : لما فشلت كل المحاولات اقترحوا على النبي صلى ا عليه وسلم للموافقة على أن يتقاسموا معه فيعبد هو ما يعبدون وهم يعبدون ما يعبد. فأنزل ا سورة الكافرون
محاولة قتله قبل الهجرة .
نتائج وآثار ثبات النبي صلى ا عليه وسلم
بعد كل هذه الأساليب اضطر النبي صلى ا عليه وسلم لتغيير خطته وطريقته : {خصوصا بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته خديجة رضوان ا عليها}
- الصبر والدعاء لقومه بالهداية {اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون .
- تغيير مكان الدعوة. والهجرة نحو الطائف . لكنهم كانوا أقسى من قريش.
- عرض نفسه صلى ا عليه وسلم على القبائل لتنصره وتحميه.
- دعوة الناس والحجاج في موسم الحج.
- الهجرة وترك مكة {بعد مبايعة أهل المدينة له بالنصر } صلى ا عليه وسلم.
- الانتقال لحماية الدعوة وبناء الدولة.
نهاية الحصار
بعد مرور ثلاث سنوات، بدأ بعض عقلاء قريش يدركون أن الحصار كان غير إنساني وظالم. ومن أبرزهم هشام بن عمرو والمطعم بن عدي، الذين سعوا إلى إقناع زعماء قريش بإنهاء المقاطعة.
قام هؤلاء المعارضون بمناقشة زعماء قريش وإقناعهم برفع الحصار.
في النهاية، وجدوا أن الصحيفة التي كُتب فيها عهد المقاطعة قد أكلتها الأرضة ولم يبق منها إلا اسم الله.
اعتبر الناس ذلك آية من الله، مما دفعهم لإنهاء الحصار نهائيًا.
الدروس والعبر من الحصار
الصبر والثبات على الحق: رغم الأذى والجوع، لم يتراجع المسلمون عن دينهم.
التضحية في سبيل الدعوة: تحمل النبي ﷺ وأصحابه مشقة الحصار لنشر الإسلام.
التعاون والتكافل بين المسلمين: كان الدعم المتبادل بينهم عاملاً أساسيًا في الصمود.
الإيمان بأن الفرج يأتي بعد الشدة: رغم طول مدة الحصار، كان الفرج قريبًا بفضل الله.
ضرورة استخدام الحكمة في مواجهة الأزمات: تدخل العقلاء ساهم في إنهاء الحصار.
إستنتاج
يُعد حصار المسلمين في شعب أبي طالب من أصعب المحن التي واجهها النبي ﷺ وأصحابه، لكنه كشف عن قوة الإيمان والصبر والتضحية. كان هذا الابتلاء تمهيدًا لنصر الإسلام وانتشاره، إذ لم يمضِ وقت طويل حتى هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة وبدأت مرحلة جديدة في الدعوة الإسلامية، قائمة على القوة والاستقلال.
للمزيد من هنا