الرسول (ص) يناجي ربه (الطائف والإسراء والمعراج)
عاش رسول الله ﷺ حياة مليئة بالصعوبات والتحديات منذ بداية دعوته إلى الإسلام. وعلى الرغم من صبره وثباته، فقد مرّ بمراحل شديدة القسوة، حتى كان يلجأ إلى ربه يناجيه ويطلب منه العون والتثبيت. ومن بين هذه المحطات الصعبة، تأتي حادثة الطائف ومعجزة الإسراء والمعراج، التي حملت معاني عظيمة في مسيرة النبي ﷺ.
أولاً: رحلة الطائف – طلب النصرة والنجدة
بعد وفاة عمّه أبي طالب وزوجته خديجة رضي الله عنها، اشتد الأذى على رسول الله ﷺ من قريش. فقد فقد السند الداخلي والخارجي في مكة. وقرر الخروج إلى الطائف، حيث قبيلة ثقيف، لعله يجد من ينصر دعوته ويقف إلى جانبه.
ذهب النبي ﷺ ماشياً إلى الطائف، يرافقه زيد بن حارثة رضي الله عنه. مكث هناك عشرة أيام، عرض خلالها الإسلام على ثلاثة من سادة ثقيف، لكنهم قابلوه بالسخرية والإهانة، ولم يكتفوا بالرفض، بل سلّطوا عليه سفهاءهم وصبيانهم، فرموه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفتين.
خروج الرسول صلى ا عليه وسلم إلى الطائف ومناجاة ربه
أسباب توجه النبي صلى ا عليه وسلم إلى الطائف وفاة أبي طالب حصنه وملاذه من البشر
- وفاة خديجة رضي ا عنها قرة عينه وأكبر أنصار الدعوة
- تسلط قريش وتضاعف الأحزان والهموم على قلب النبي
- طلب النصرة والتأييد والبحث عن فضاء جديد للدعوة
- حرص الرسول صلى ا عليه وسلم على هداية الناس
- الاستمرار في دعوة الإسلام وعدم اليأس
مناجاة النبي ﷺ بعد الطائف
في طريق عودته إلى مكة، جلس النبي ﷺ تحت ظل شجرة في بستان يعود لعتبة وشيبة ابني ربيعة، ورفع يديه يناجي ربه في دعاء مؤثر يعبر عن مدى صدقه وتوكله على الله:
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي غضبك، أو يحل عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك."
كان هذا الدعاء من أعظم مشاهد المناجاة التي تظهر تسليم النبي ﷺ الكامل لأمر الله، ورضاه بقضاء ربه مهما كانت الصعاب.
عبر وعظات
- من رحلة الطائف التعامل مع الآخرين بالأخلاق الحسنة
- خلق العفو والصفح في مواجهة الإساءة
- الالتجاء إلى ا في وقت الشدائد والمحن
- عدم الاستسلام والتحلي بقيمة الصبر
- الدعوة ليس لها وطن ولا زمان ولا مكان فهي عالمية
ثانياً: معجزة الإسراء والمعراج – تثبيت للنبي ﷺ
الإسراء: هي تلك الرحلة الأرضية وذلك الانتقال العجيب الخارج عن مقدور البشر، الذي تم بقدرة ا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى.
المعراج: هو الرحلة السماوية والارتقاء من عالم الأرض الى عالم السماء، حيث سدرة المنتهى
بعد شدة المحنة في الطائف، جاءت معجزة الإسراء والمعراج لتكون تكريماً للنبي ﷺ وتثبيتاً له بعد الأذى الذي تعرض له من أهل مكة والطائف. في هذه الليلة المباركة، أسرى الله بالنبي ﷺ ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السموات العلى، حتى وصل إلى سدرة المنتهى.
تفاصيل الإسراء والمعراج
وفي هذه الرحلة، فرض الله على الأمة الصلاة، التي كانت في البداية خمسين صلاة، ثم خففت إلى خمس صلوات مع بقاء الأجر الكامل لخمسين صلاة. وهذه الرحلة كانت أعظم تكريم وتثبيت للنبي ﷺ، وأكدت له أن الله معه في كل أحواله.
الحكمة من الإسراء والمعراج بعد الطائف
تأتي معجزة الإسراء والمعراج في توقيت دقيق بعد تجربة الطائف القاسية لتعطي للنبي ﷺ عدة دروس ورسائل:
- تكريم رباني: لتخفيف آلامه النفسية والجسدية بعد الإيذاء الذي تعرض له.
- التثبيت على الدعوة: تأكيداً على أن ما يقوم به من تبليغ رسالة الله هو أمر عظيم، وأنه مدعوم من السماء.
- فتح الأفق العالمي للدعوة: انتقال النبي ﷺ من مكة إلى القدس ثم إلى السماء، رسالة بأن دعوته ليست محصورة في قريش أو الطائف، بل هي للعالم أجمع.
- الإسراء والمعراج إيناسا للنبي صلى ا عليه وسلم بعد عام الحزن، وما لقيه في الطائف من الأذى
- امتحانا واختبارا وتمحيصا لنفوس المسلمين الذين يعدهم ا للهجرة
- رؤيته صلى ا عليه وسلم لإخوانه من الأنبياء الذين عانوا قبله في دعوة الناس
- الإسلام دين الهداية والفطرة
- مكانة سيدنا محمد صلى ا عليه وسلم
- فضل أهمية الصلاة
- رؤية الجنة والنار جزاء المطيع والكافر
- التعليم بالمشاهدة والنظر
- أصل الدين واحد هو التوحيد
- التأييد الإلهي
دلالات المناجاة والرحلة العظيمة
- في الطائف، علمنا النبي ﷺ كيف يناجي ربه في أصعب الظروف، وكيف يتوكل على الله ويعتمد عليه مهما بلغت المحن.
- وفي الإسراء والمعراج، ظهر فضل الصلاة وعظمتها كوسيلة اتصال بين العبد وربه.
- أكدت الرحلة على منزلة النبي ﷺ عند ربه، وأنه مؤيد بالرعاية الربانية مهما اشتدت الابتلاءات.
الخلاصة
تجمع هذه الأحداث بين الضعف البشري للنبي ﷺ في الطائف و العطاء الإلهي في الإسراء والمعراج، لتعلمنا أن الابتلاء طريق المؤمنين، وأن الصبر والمناجاة الصادقة تفتح أبواب الفرج. كما أن الإيمان بالله والتوكل عليه هما مفتاح الثبات في الدعوة وفي الحياة.
للمزيد من هنا