الحروب الصليبية: المواجهة واحتكاك الحضارات
مقدمة
تُعد الحروب الصليبية واحدة من أبرز الأحداث التاريخية التي شكّلت ملامح العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى. اندلعت هذه الحروب بين أوروبا المسيحية والعالم الإسلامي خلال الفترة ما بين القرنين 11 و13 الميلاديين، مما أدى إلى احتكاك الحضارات بشكل مباشر وواسع النطاق، وخلق صراعًا طويل الأمد بين القوى المسيحية والإسلامية.
تعرض العالم الإسلامي في أواخر القرن الحادي عشرة لحملات صليبية أخفقت في فرض السيطرة العسكرية على المناطق المقدسة، وأفرزت نتائج مهمة على المستوى الحضاري.
- فما المقصود بالحروب الصليبية؟
- وما هي مظاهر الاحتكاك الحضاري بين المسلمين والمسيحيين؟
أسباب الحروب الصليبية
كان السبب الرئيس وراء سقوط البيزنطيين وهو الدمار الذي كانت تخلفه الحملات الأولى المارة من بيزنطة (مدينة القسطنطينية) عاصمة الإمبراطورية البيزنطية وتحول حملات لاحقة نحوها.
انت الحروب الصليبية سلسلة من الصراعات العسكرية ذات طابع ديني والذي خاضته معظم دول أوروبا المسيحية ضد ما اعتبرته تهديدات خارجية وداخلية. فقد كانت موجهة ضد عدد من المجموعات العرقية والدينية التي اشتملت على المسلمين، والوثنيين السلاف، والمسيحيين الروس والأرثوذكسية اليونانية، والمغول، والأعداء السياسيين للباباوات. كان الصليبيون يأخذون الوعود ويمنحون التساهل. وتضع التقديرات عدد ضحايا الذين قضوا في الحروب الصليبية بين مليون إلى حوالي 3 مليون شخص.
تعرض المشرق العربي لحروب صليبية تعددت دوافعها ومراحلها
ما المقصود بالحروب الصليبية
الحروب الصليبية هي الحملات التي شنها الأوربيون ضد المشرق الإسلامي ما بين القرنين11 و 13م، وقد سميت صليبية لكون المشاركين فيها لا تجمعهم جنسية ولا قومية واحدة، وإنما تربطهم آصرة العقيدة المتمثلة في الدين المسيحي الذي يرمز إليه بالصليب.
كما يستخدم مصطلح الحروب الصليبية لوصف حروب معاصرة ولاحقة من خلال القيام بحملات إلى القرن السادس عشر في الأقاليم والتي لم تقتصر على بلاد الشام وحسب بل استهدفت الوثنيين في شمال أوروبا، وما اعتبرهم المعتقد المسيحي بالـ«الهراطقة»، والشعوب الخاضعة لحظر الطرد لمزيج من الأسباب الدينية، والاقتصادية، وأسباب سياسية. كما أدت التناحرات التي نشبت بين المسيحيين والمسلمين على حد سواء لنيل الصلاحيات إلى نشوء التحالفات بين الفصائل الدينية ضد خصومهم، مثل التحالف المسيحي مع سلطنة رومية أثناء الحملة الصليبية الخامسة.
دوافع ومراحل الحروب الصليبية
تعددت دوافع الحملات الصليبية على المشرق الإسلامي، وقد كان الهدف الواضح منها هو الاستيلاء على بيت المقدس، إلا أن هناك أيضا الرغبة في الاستحواذ على طرق التجارة العالمية والسيطرة على ثروات العالم الإسلامي بالإضافة إلى تقديم الدعم والمساندة للإمبراطورية البيزنطية، وقد بدأت الحروب الصليبية في القرن 11م، ومرت بأربع مراحل كبرى، حيث سيطر الصليبيون في البداية على عدة مدن إسلامية على رأسها القدس، إلا أن انتصار صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين سنة 1187م وضع نهاية لانتصارات المسيحيين، وشكلت بداية لمجموعة من الحملات الفاشلة أن إلى توقفت نهائيا خلال القرن 13م.
الدافع الأساسي
بعد انتصار السلاجقة على البيزنطيين استنجد البيزنطيون بمسحيي بلاد الغال (فرنسا) على أساس أنهما من نفس الديانة (المسيحية) وكانت الدوافع الاقتصادية والاجتماعية عوامل أساسية للدفاع عن الروم البيزنطيين.
الدوافع الدينية
كانت دعوة البابا للحروب الصليبية التي بدأها البابا أوربان الثاني في نوفمبر 1095 بعقده مجمعًا لرجال الدين في مدينة كليرمونت فران الفرنسية، وكان الكثير من الحملات قد بررت بتطبيق «إرادة الرب» عن طريق الحج إلى الأرض المقدسة للتكفير عن الخطايا، وكانت الدعوات تروي عن اضطهاد الحكم الإسلامي للمسيحيين في الأرض المقدسة وتدعو إلى تحريرهم، خصوصاً بعد تدمير وحرق كنيسة القيامة، وهي أقدس موقع مسيحي على الإطلاق في 18 أكتوبر عام 1009 بأمر من الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي. وتراجعت هذه الدوافع الدينية مع مرور الوقت لتصل إلى حد تدمير مدينة القسطنطينية المسيحية الشرقية في الحملة الصليبية الأولى والرابعة على أيدي الصليبيين أنفسهم.
الدوافع الاجتماعية
كان قانون الإرث المطبق في أوروبا ينص على أن يرث الابن الأكبر عقارات والده وعبيده بعد موته، وتوزع المنقولات بين أبنائه، وبسبب هذا القانون نشأت طبقة من النبلاء أو الأسياد الذين لم يكونوا يملكون إقطاعيات، فشاعت بينهم ألقاب مثل «بلا أرض» و«المعدم» دلالة على عدم ملكيتهم لرأت البابوية في السيطرة على الأرض المقدسة دعمًا كبيرًا لنفوذها، كما رأت أيضًا، في السيطرة على الكنيسة الشرقية بالقسطنطينية وسيلة لإعادة توحيد الكنيسة تحت ظلال البابوية، ولعبت العوامل الاقتصادية والتنافسية دورًا بدا واضحًا في الحملة الصليبية الرابعة. مما أدى إلى التضاؤل المستمر في دفاع الصليبيين عن الإمبراطورية البيزنطية.
قطعة أرض، ورأى الكثير من هؤلاء فرصتهم في الحملات الصليبية للحصول على أراض في الشرق، ورأى آخرون فيها فرصة لتوسيع أملاكهم بضم أملاك جديدة، كما كان الفقراء يجدون فيها فرصة لحياة جديدة أفضل ووسيلة تخرجهم من حياة العبودية التي كانوا يعيشونها في ظل نظام الإقطاع السائد في ذلك الوقت. ولا ننسى أيضًا رغبة المدن الساحلية الأوروبية تحقيق مكاسب تجارية نظيرًا لنقل المحاربين على سفنها ورغبة بعض فرسان أوروبا في التخلص من النظام الإقطاعي الفاسد عن طريق العيش في الشرق.
العلاقة مع الإسلام
كانت العلاقات الخارجية لأوروبا مع المد الإسلامي لا تبعث على الطمأنينة، فالمسلمون الذين كانوا قد قاتلوا البيزنطيين منذ القرن السابع الميلادي قد وصلوا إلى جبال البيرينية (البرانس) في شمال إسبانيا وجنوب فرنسا بعد أن سيطروا على شمال أفريقيا، فكانت المناطق الأوروبية المتاخمة لحدود دولة الأندلس الإسلامية بشبه جزيرة إيبيريا وجزيرة صقلية تشعر بتهديد السيطرة الإسلامية عليها مما ساهم في تجنيد الأوروبيين بدافع الحماية والدفاع عن مناطقهم.
التوترات بين روما والقسطنطينة
رأت البابوية في السيطرة على الأرض المقدسة دعمًا كبيرًا لنفوذها، كما رأت أيضًا، في السيطرة على الكنيسة الشرقية بالقسطنطينية وسيلة لإعادة توحيد الكنيسة تحت ظلال البابوية، ولعبت العوامل الاقتصادية والتنافسية دورًا بدا واضحًا في الحملة الصليبية الرابعة. مما أدى إلى التضاؤل المستمر في دفاع الصليبيين عن الإمبراطورية البيزنطية.
أدت الحروب الصليبية إلى احتكاك الحضارتين الإسلامية والمسيحية
شكل المشرق العربي مكانا لاتصال الأوربيين بالحضارة العربية الإسلامية خلال فترة الحروب الصليبية، حيث احتل الأوربيون عدة مناطق عربية، وأسسوا فيها مجموعة من الإمارات، واطلعوا خلال مدة الاحتلال على التطور الذي وصله العرب في فنون الزراعة والصناعة، ونقلوا بعض مظاهر التفوق العربي في الهندسة المعمارية وباقي مجالات المعرفة.
خاتمة
شكلت الحروب الصليبية أطول مواجهة مباشرة بين المسلمين والمسيحيين وساهمت في بداية تأثر أوربا بالحضارة العربية الإسلامية.
مراجع
1) متمدرس هنا
2) ويكيبيديا هنا